منتديات غرام الشوق - الواو .. المفترى عليها

"تأتي واو العطف في مقدمة الحروف انتشاراً وتداولاً؛ فهي تشكّل
(25.5%) تقريباً، من استعمال الحروف عامة، وتحظى بنصيب الأسد
بين حروف العطف، إذ يشكل استعمالها (85.20%) تقريباً، بالنظر إلى
استعمال بقية هذه الحروف" .
وقد أفرط الكتاب المعاصرون في استخدامها -خصوصاً في المجال
الإعلامي- ووضعوها في مواضع لا يصح استعمالها فيها، فأقحموها
بين الأركان المتلازمة في التراكيب اللغوية. ويذكر الدكتور محمود
عمار أنه عندما كلفه أحد النوادي الأدبية التحكيم في مسابقة القصة،
أذهلته الكثرة المفرطة لاستخدام الواو في إحدى القصص .

وأسرد هنا بعضاً من أهم مواضع استعمالها غير الصحيح،
تذكيراً وتنبيهاً للإخوه القراء، لتجنب الخطأ في استخدامها:
1 - الواو بين الفعل والفاعل:
انتشرت في الكتابات المعاصرة هذه الصيغة المبدوءة بالفعل (سبق)،
مثل: "سبق أن حضر" جواباً لسؤال: هل حضر أحمد؟... وهذا هو
الاستعمال الصحيح، فالجملة (أن حَضَر) هي فاعل للفعل (سبق).
والتقدير: (سبق حضورُه). ولا داعي لإقحام الواو بينهما،
إذ لا معنى للعطف هنا بين الفعل وفاعله، وأحياناً يقولون السياق
نفسه: "سبق (و) تعلمتُ"... ولذا ينبغي ألاّ نقول أبداً:
"سبق (و) أن حضر"...
وإذا كان الخطأ في مثل هذه الجملة غير واضح أو غير مستهجن
كثيراً، نظراً لكثره ورودها، ولأن الفاعل هنا ليس اسماً ظاهراً،
بل إنه جملة فعلية، فإنني سأضع أنا وإياكم هذه (الواو) العزيزة بين
الفعل والفاعل الظاهر، مثل "سبق (و) حضورُه".. فهل ترون وجود
الواو هنا صحيحاً؟
بالطبع كل منكم سيبادر بالقول: "هذا خطأ واضح فاضح!"...
فكذلك وجود الواو في الجملة الأولى خطأ مؤكد.
فلنقل جميعاً مثل هذه الجمل دون حرف الواو:
(سبق أن سافرنا - سبق أن زرت المسرح- سبق أن صليتم...).
وفي الأمثلة التالية لن أكتب حرف (الواو) في موقعه غير الصحيح،
بل سأضع بدلاً منه ثلاث نقط بين قوسين، أي (...)، حتى لا يثبت الخطأ
بشكل غير مقصود.

2 - الواو بين الفعل والمفعول به:
وهذه الحالة تشبه الحالة الأولى، وتأتي بعد كلمة (خاصةً) أو
(خصوصاً)، مثل: "أسرع، خصوصاً (...) أن القطار سينطلق" و"ستنجحون،
خاصةً (...) أنكم مجتهدون"..
وهكذا دون أن نضع حرف الواو بين كل من الكلمتين المذكورتين
أول الفقرة وبين ما بعدهما.

3 - الواو بين الصفة والموصوف:

لعل أكثر حالات استعمالها خطأ يكمن قبل الاسم الموصول،
الذي يكون صفة، مثل: التي -الذي- اللذان - الذين.. كأن نقول:
"فاز الفريق الأبيض (...) الذي حقق البطولة"،
أو "لعبت بالطائرة الورقية (...) التي حلقت عالياً"...،
فلا يصح في هاتين الجملتين أن نضع الواو قبل الاسم الموصول
لأنه في موقع الصفة للاسم الذي قبله، ومثل ذلك في:
"استلمت مبلغاً (...) مقدارُه ألفُ ريال"، فلا نضع حرف العطف الواو
قبل كلمة (مقداره) لأنها وما بعدها في محل صفة للاسم الموصوف
(مبلغاً)، ولا يصح وضع فاصل (حرف الواو) بينهما.
ولكننا يجب أن نضع الواو قبل الاسم الموصول الثاني، كما في الجملة
التالية مثلاً، لأنه معطوف فعلاً وليس صفة، مثل:
"عاد الفريق (الذي) فاز (والذي) نال الجائزة".

4 - الواو بين (الفعل) و (الجارّ والمجرور):

وهذا الخطأ كثير الورود في الصحافة والفضائيات، وكأنهم يظنون
أن الواو هذه تفيد التأكيد، وذلك مثل:
- نظفت، (...) بمساعدة أخي، الغرفة"
- عملنا (...) بصدق على نجاح الحفل".

5 - الواو بعد حتى، أو قبلها، مثل:

"سأبذل جهدي حتى (...) لو تأخرت". أو: "سأكلمك (...) حتى إن
خاصمتني".

6 - الواو بين (ما) المصدرية والجملة بعدها:

وهذا كثير الورود أيضاً، مثل:
"أكرمته كما (...) أنني دعوته لزيارتي".

7 - الواو بين المعطوفين المتماثلين:

كثيراً ما يكرر بعض الكتاب، خاصة المبتدئين، كلمة معينة ثم يضعون
بينهما حرف الواو، ظناً منهم أن هذا زيادة في التأكيد.
ولكن الصحيح عدم إقحام الواو هنا، مثل:
"هو معجب بالمدير (...) بالمدير وحده". ويمكن في هذه الجملة
الاكتفاء بكلمة (وحده) للتأكيد، دون تكرار كلمة (بالمدير):
(هو معجب بالمدير وحده). وإذا صممنا على تكرارها ينبغي ألا نرغم
هذه (الواو) المسكينة على الدخول بينهما، كأن نقول:
"نال اللاعب المركزَ الأولَ الأولَ"
ويكون هذا على سبيل التأكيد اللفظي، أي تكرار الكلمة نفسها،
وهذا جائز.
http://wahjj.com/vb/imgcache/12980.imgcache.gif
من بحور تصفحي
في امان الله وحفظه