منتديات غرام الشوق

منتديات غرام الشوق (http://www.gram-alshoog.com/vb/index.php)
-   •₪• غرام نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• (http://www.gram-alshoog.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الله وحده هو الغنيُّ (http://www.gram-alshoog.com/vb/showthread.php?t=26074)

غرام الشوق 01-03-2024 03:17 PM

الله وحده هو الغنيُّ
 











الحمد لله، الحمد لله الذي جَعَلَ حبَّه أشرفَ المكاسب، وأعظم المواهب، أحمَده سبحانه وأشكره على نعمة المطاعم والمشارب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزَّه عن النقائص والمعايب، خلق الإنسان من ماء دافقٍ، يخرج من بين الصُّلْب والتَّرائب، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى الهدى والنور، وطهارة النفس من المثالب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فهي سبيل النجاة والفلاح؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

عباد الرحمن، إن من أسماء الله تعالى الغَنِيَّ، وهو دالٌّ على غِناه المطلَق بكل صنوف الغِنى، كما أنه دالٌّ على فَقْرِ الخلائق كلها فقرًا مطلقًا إليه تبارك وتعالى، وهذا من معاني (الصمد) وهو الذي يفتقر إليه كل شيء، ويستغني عن كل شيء، بل الأشياء مفتقرة إليه من جهة ربوبيته، ومن جهة إلهيته؛ فما لا يكون به لا يكون، وما لا يكون له لا يصلح ولا ينفع ولا يدوم؛ وهذا تحقيق قوله: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].

ودخل عثمان أو غيره على ابن مسعود وهو مريض، فقال: كيف تجدك؟ قال: أجدني مردودًا إلى الله مولاي الحق[1]، وقال سهل بن عبدالله: "ليس بين العبد وبين الله حجاب أغلظُ من الدعوى، ولا طريق أقرب إليه من الافتقار"[2].

وتأمل حال هذا الإنسان العجيب ومِزاجه الغريب في جَهْلِهِ مع عجزه، واستغنائه مع فقره، ورجوعه بعد فراره وكفره؛ قال سبحانه وبحمده: ﴿ لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ﴾ [فصلت: 49 - 51].

قال الحافظ ابن كثير: "يقول تعالى: لا يمل الإنسان من دعائه ربَّه بالخير؛ وهو: المال، وصحة الجسم، وغير ذلك، وإن مسه الشر وهو البلاء أو الفقر ﴿ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ﴾ [فصلت: 49]؛ أي: يقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير، ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي ﴾ [فصلت: 50]؛ أي: إذا أصابه خيرٌ ورزق بعدما كان في شدة، ليقولن: هذا لي، إني كنت أستحقه عند ربي، ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ [فصلت: 50]؛ أي: يكفُر بقيام الساعة، أي: لأجل أنه خُوِّل نعمة يفخَر، ويبطَر، ويكفُر؛ كما قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6، 7].

ثم قال: ﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾ [فصلت: 51]؛ أي: أعرض عن الطاعة، واستكبر عن الانقياد لأوامر الله عز وجل؛ كقوله تعالى: ﴿ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ﴾ [الذاريات: 39]، ﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ ﴾ [فصلت: 51]؛ أي: الشدة، ﴿ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ﴾ [فصلت: 51]؛ أي: يُطيل المسألة في الشيء الواحد"[3].

وتدبَّر قولَ الله تعالى مبيِّنًا ضعفَ البشر، وأنهم ليسوا في حقيقتهم بشيء، إن خذلهم ربهم ووكلهم إلى ضعفهم وفقرهم: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]، "فيخبر تعالى بغنائه عما سواه، وبافتقار المخلوقات كلها إليه، وتذلُّلها بين يديه؛ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [فاطر: 15]؛ أي: هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات، وهو الغني عنهم بالذات؛ ولهذا قال: ﴿ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]؛ أي: هو المنفرد بالغِنى وحده لا شريك له، وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله، ويقدِّره ويشرِّعه"[4].

معاشر الحنفاء: "ليس في الكائنات ما يسكن العبد إليه، ويطمئن به، ويتنعم بالتوجه إليه، إلا الله سبحانه، ومن عَبَدَ غير الله، وإن أحبَّه، وحصل له به مودة في الحياة الدنيا، ونوع من اللذة، فهو مَفسدة لصاحبه أعظم من مفسدة التذاذ أكل طعام المسموم: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 22]، فإن قِوامهما بأن تُؤلِّه الإلهَ الحقَّ، فلو كان فيهما آلهة غير الله لم يكن إلهًا حقًّا؛ إذ الله لا سَمِيَّ له ولا مِثْلَ له، فكانت تفسد لانتفاء ما به صلاحها، هذا من جهة الإلهية، وأما من جهة الربوبية فشيء آخر.

ولو حصل للعبد لذَّات أو سرور بغير الله فلا يدوم ذلك، بل ينتقل من نوع إلى نوع، ومن شخص إلى شخص، ويتنعم بهذا في وقت وفي بعض الأحوال، وتارة أخرى يكون ذلك الذي تنعَّم به والتذَّ غيرَ مُنعِّم له ولا ملتذٍّ له، بل قد يؤذيه اتصاله به ووجوده عنده ويضره ذلك، وأما إلهه فلا بد له منه في كل حال وكل وقت، وأينما كان فهو معه؛ ولهذا قال إمامنا إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم: ﴿ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴾ [الأنعام: 76]، وكانت أعظم آية في القرآن الكريم: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، وهذا أمر عظيم جدًّا، حرِيٌّ بكل مؤمن عابد ملاحظته وتذكُّرُه على الدوام، فبعبادة ربه تكون حياته، فلا قِوامَ له إلا بها.

وفي صحيح مسلم وغيره عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ، نادى منادٍ: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدًا يريد أن يُنْجِزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يُبيِّض وجوهنا، ويُدخلنا الجنة، ويُجِرْنا من النار؟ قال: فيُكشف الحجاب، فينظرون إليه سبحانه، فما أعطاهم شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إليه، وهو الزيادة))[5] ، فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم مع كمال تنعُّمهم بما أعطاهم الله في الجنة، لم يُعْطِهم شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إليه، وإنما يكون أحب إليهم لأن تنعُّمَهم وتلذُّذَهم به أعظم من التنعم والتلذذ بغيره، فإن اللذة تتبع الشعور بالمحبوب، فكلما كان الشيء أحب إلى الإنسان، كان حصوله ألذَّ له، وتنعُّمُه به أعظمَ.









لـحـن 01-03-2024 03:19 PM

بارك الله فيك ونفع بِك ..
على طرح موضوعك القيم
وأسلمت الايادي ويعطيك العافيه
تقديري مع احترامي.

شقاوي 01-03-2024 04:20 PM

سلمت أناملك ع الطرح
وسلم ذوقكـ على حسن الانتـــــــقاااء
بـ إنتظآر جديدك وعذب أطرٌوحآتك
كل الوود

برق الشمال 06-03-2024 05:31 PM

جزاك الله الف خير الجزاء
وبارك الله فيك وفي طرح
القيم والمفيد

أميرة بطبعي 27-03-2024 03:50 AM

جزاك الله خير الجزاء
وجعله الله فى ميزان حسناتك
ورزقك الفردوس الأعلى من الجنه
تحياتي لك


الساعة الآن 03:42 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم وتطوير وارشفه وحمايه الموقع من استضافة تعاون