عندما فتح الرّسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مكّة، عفا عن الجميع ما عدا أربعة، وأصدر أمرًا بقتلهم أينما وجدوا، لأنّهم لم يرتدعوا عن ارتكاب كلّ ما يؤذي الإسلام والمسلمين، فارتكبوا الجرائم والجنايات بحقّ المؤمنين.
من هؤلاء الأربعة رجل يدعى عكرمة بن أبي جهل، فرّ من شدّة خوفه وخرج من مكّة والتجأ إلى ساحل البحر الأحمر، هناك ركب سفينة وأبحر مع جماعة، في وسط البحر غشيهم موج رهيب وحاط بهم الطّوفان من كلّ جانب، فتمايلت السّفينة وبدت على شفير الغرق، هنالك اجتمع القوم على ظهر السّفينة وقرّروا رمي جميع ما يحملون من الأصنام، ثمّ توجّهوا إلى المولى (عزّ وجلّ) طالبين منه النّجاة، فتمسّكوا بأذيال لطفه سبحانه وعلموا أن لا أحد منجيهم اليوم سواه عزَّ وجلّ.
قال عكرمة: إنّ ما لم يستطع أن ينجينا من هذا الطّوفان في البحر، فلن يستطيع أن ينجينا أيضًا في البر، (يعني بذلك الأصنام) ثمّ إنّه عاهد الله (عزّ وجلّ) إذا أنجاه من هذه المهلكة فإنّه سيذهب إلى محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ويضع يده بيده ويُسْلِم، لأنّه يعلم أنّ محمّدًا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رجل كريم ورحيم.
بعد مدّة هدأ الطّوفان وانخفض الموج العاتي ونجوا جميعًا من الغرق وذهب عكرمة إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأسلم على يدَيْه [18] .
يقول تعالى في هذا الشّأن: ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ﴾ [19] .