يرويه أبو قِلابةَ، عن أبي أسماء، عنْ ثوبانَ - رضى الله عنه - عنِ النّبي - صلى الله عليه وسلم -، ولهُ عنْ أبي قِلابةَ ثلاثةُ طرقٍ.
الأول: عن أيوبَ بنِ أبي تميمةَ السختياني.
أخرجهُ ابنُ أبي شَيبة في المصنّف (ح/32352)، وأحمدُ في المسند (ح/22452)، ومسلم (ح/2889) واللّفظُ لهُ، ومن طريقهِ البَغَوي في شرحِ السنة (ح/4015)، وأبو داود (ح/4254)، والترمذي (ح/2176 ـ شاكر)، والجَهضمي في أحاديثِ أيوبَ بنِ أبي تميمة (ح/19، 21)، والحَربي في غَريبِ الحديث (3/956، 957)، وابنُ أبي عاصِم في الدّيات (ح/51)، وفي الآحاد والمثاني (ح/456، 457)، ومن طريقهِ أبو العلاءِ الهمذاني العطار في فتيا وجوابها (ح/1)، والروياني في المسند (ح/617)، وابنُ حِبّان (ح/7238)، وابن منْدة في التّوحيدِ (ح/439)، وأبو العبّاس العصمي في جزئِه (ح/68)، وأبو نُعيم في حِليةِ الأَولياءِ (2/289)، وفي دلائلِ النّبوةِ (ح/445 ـ المنتخب منه)، والقُضاعيُّ في مسندِ الشّهابِ (ح/1113)، والبَيهقيُّ في دلائلِ النبوة (ح/2899)، وابن عبد البرِّ في التَّمهيدِ (2/198).
قلتُ:
أبو أسماء: عمرو بنُ مَرثدٍ الرَّحبي، تابعيٌّ ثقةٌ، وثَّقهُ العِجليُّ، فقالَ: شاميٌّ تابعيٌّ ثقةٌ. [الثقات: ت/2077]، [تاريخ دمشق: 46/335]. وذكرهُ ابنُ حبانَ في الثِّقاتِ. [الثقات: ت/4456].
وأبو قِلابةَ: عبدُ اللهَ بنُ زيدٍ الجرميُّ، ثقةٌ إلّا أنهُ يُرسلُ عمّن لم يُدرِكهُ.
قال الذهبيُّ: امامٌ شهيٌر، من علماءِ التّابعينَ، ثقةٌ في نفسهِ، إلّا أنهُ يُدلّسُ عمّن لحِقَهم وعمّن لم يلحقهُم، وكان له صحفٌ يحدِّث منها ويدلّسُ. [ميزان الأعتدال: ت/4339].
قلتُ: وقولُ الإمامِ الذهبيِّ: (يُدلّسُ....) تفردَ بهِ عمّن سِواهُ، وَقدْ يَكونُ تَبِعهُ على ذلكَ الحافظُ ابنُ حجرٍ، ولهذا ذَكَرهُ في المرتبةِ الأولى عِندهُ في كتابهِ (تعريفِ أهلِ التّقديس) وهذه المرتبةُ تعدُّ عندهُ من أخفِّ مراتبِ التّدليسِ وأهونها، وهي في الرّاوي الذي لا يدلّسُ إلّا نادراً، وقد يكونُ معناها عندَ قائِلِها الإمامِ الذهبيِّ الإرسالَ في بعضِ الأحيان، وذلك لما وقفت عليه من خلالِ بحثي عمّا يدلُّ أو يقربُ إلى معنى هذهِ الكلمةِ عندهُ، وذلكَ لعدةِ قرائنَ، مِنها.
1- قال أبو حاتم الرازي: لا يُعرفُ لهُ تدليسٌ. [الجرح والتعديل: 5/58 ـ ت/268]. فقالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ معلقاً على ما قالهُ أبو حاتم: وهذا مما يُقوّي مَن ذَهَبَ إلى اشتراطِ اللّقاءِ في التّدليسِ لا الإكتفاء بالمعاصرةِ. [تهذيب التهذيب: 5/197]، والمقصودُ توضيحُ الفرقِ في المنهجِ، بين مذهبِ منْ يرى أنَّ التّدليسَ يُشترطُ فيهِ اللّقاءُ بينَ الرّاوي والمرويّ عنهُ....، وبينَ المذهبِ الآخرِ.
قلتُ: ولا شكَّ أنّه ما قالها ابو حاتم، إلّا ثقةً بهذا التَّابعيِ الجَليلِ بإتقانِهِ وبُعدِهِ عنِ التّدليسِ.
قلتُ: أيْ أرسَلَ، واللهُ أعلمُ، وهذا بيانٌ آخرُ منَ الحافظِ ابنِ حجرٍ يوضّحُ لنا أيضاً أساساً، أنّ الذّهبيَ عندهُ التّدليس في بعضِ الأحيانِ هوَ الإرسال، ثمّ أنهُ قدْ ثَبتَ حِفظُ الشّيخينِ لنا ما عَنعنَ بهِ المُدلّسون، فهُما لمْ يودِعا في صَحيحيهِما إلّا ما وقَفا عليهِ مُصرَّحاً بالتّحديثِ في سنده من طرق أخرى، انظر بحثي في ترجمة قتادة بن دعامة، في كتابي طرق حديث طلب العلم فريضة....
4- سعيد بن المسيب روى عن عمر، وقد تُكُلِّمَ في سماعه منه، ومع هذا لم يصفه أهل العلم بالتدليس....، وهذا رَدٌّ على الفقرة الثالثة فيما تقدم، وهو قول الذهبي في جبير بن نفير المتقدم.
5- قال العجلي، في الحجاج بن أرطاة:.... إِلا أنه صاحب إرسال، وَكَانَ يرسل عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كثير وَلم يسمع منه شيئا، وَيُرسلُ عَنْ مكحول وَلم يسمعْ منهُ شيئاً، وَيُرسِلُ عَنْ مجاهدَ وَلم يسمعْ منهُ شيئاً، وَيُرسلُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلم يسمعْ منهُ شَيئاً، فإنّما يَعيبُ النّاسُ منهُ التّدليسَ. [ثقاته: ت/264]، [تاريخ بغداد: 8/ 234].
قلتُ: ويعني هذا فيمنْ أدرَكَهُ ولمْ يسمعْ مِنهُ.
وأيوبُ بنُ أبي تميمةَ: كَيسان السّختياني، ثِقةٌ إمامٌ،لا يُسألُ عنْ مثلهِ، ولا ألتفتُ لما قيلَ فيهِ أنّهُ مدلِّسٌ، ولا يضُرّهُ ذلكَ، لأنّهُ عن أنَس إنْ صحَّ هذا عَنهُ، وهذا الحديثُ عنْ أبي قُلابَةَ كما ترى، وفيه بحث، واللهُ المستعانُ.
وسُئِلَ الدّارَقطنيُّ عنْ أرفَعِ مَنْ عندهُ منْ أصحابِ أيّوبَ السّختياني، فقالَ: حمّادُ بنُ زيد.... [سؤالات أبي عبدالله بن بكير: ت/35].
وعبّادُ بنُ منصور: النّاجي، أبو سَلَمة البصريّ، صَدوقٌ.
فخالَفهُم مَعمَر بنُ راشدٍ، فرواهُ عنْ أيوّبَ، عنْ أبي قِلابةَ، عن أبي الأشعَث الصّنعاني، عن أبي أسماء، عن شدادِ بن أوس - رضى الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، بنحوهِ.
فجعلَ الحديثَ عنْ شدادِ بنِ أوس، وزادَ في إسنادهِ أبا الأشعثِ الصّنعاني.
أخرجهُ عبدُ الرّزاق في التّفسيرِ (2/210، 211)، وأحمد (ح/17115)، والطّبريُ في التّفسيرِ (ح/13368، 13369)، والجّهضَميُ في أحاديثِ أيوّبَ (ح/18)، والحربيُّ في غريبِ الحديثِ (3/957)، والبزّارُ (ح/2948 ـ البحر الزخار)، والداني في الفتن (ح/6).
يَرويهِ عنْ مَعمَر، عبدُ الرّزاقِ، ومحمّدُ بنُ ثور الصّنعاني، وعبدُ اللهِ بن المبارك، كما قيلَ، وسَيأتي، وهذا يُوحيفي ظاهرهِ أنّ هذهِ المُخالفةَ ثابتةٌ عنهُ، والتي يكونُ منشؤها الوهمَ والخَطَأَ منه.
قلتُ: مَعمَرُ بنُ راشدٍ: الأزديُّ، أبو عروةَ البصريّ.
قالَ ابنُ أبي خَيثمةَ: سَمعتُ يحيى بنُ معينٍ يقولُ: إذا حدّثكَ معمرٌ عنِ العراقيينَ فخالِفْهُ ـ وفي موضعٍ آخرَ منَ التاريخِ: فخَفهُ - إلّا عنِ الزُّهري وابن طاووس فإنّ حديثهُ عنهما مستقيمٌ فأمّا أهلُ الكوفةِ والبصرةِ فلا، وما عملَ في حديثِ الأعمشِ شَيئاً. [تاريخه: رقم/1194، 2760].
قلتُ: وهوَ ثقةٌ فاضلٌ محتجٌ بهِ، إلّا في بعضِ حديثهِ، كما مرّ بيانهُ.
وقالَ المروذيُ سألتُهُ - يعني: الإمام أحمد - عنْ مَعمرٍ، كيفَ هوَ في الحديثِ؟ فقالَ: هوَ ثبتٌ، إلّا أنّ في بعضِ حديثهِ شيئاً. [سؤالاته: س/25].
وقالَ عبدُ الرّزاق: سمعتُ ابن المباركِ يقولُ: إني لأكتب الحديثَ منْ مَعمرٍ وقد سمعتهُ من غيرهِ، قالَ: وما يحملكَ على ذلكَ؟ قالَ: أما سمعتَ قولَ الراجزِ: قدْ عرفنا خيرَكم من شرِّكم. [سير أعلام النبلاء: 7/9].
قلتُ: وهذا يدلُّ على دقةِ وتَيقُّظِ ابنِ المباركِ في التّحَرُّزِ والحَذَرِ منْ أخطاءِ معمرٍ، رحمهُ اللهُ.
قلتُ: ولا شَكّ أنّ هذهِ المخالفةَ أحد أخطائِهِ، ولهذا أنكَرَ عليهِ أهلُ العلمِ هذا التّفرد، قالَ عبدُ الرّزاقِ، سمعتُ غيرَ مَعمَرٍ، يقولُ: عنْ أبي أسماء، عن ثوبان، وكانَ معمرٌ يقولُ: عنْ أبي أسماءَ عن شدادِ بنِ أوس. [تفسيره: 2/211].
قلتُ: وقدْ أعرضتُ عنْ بعضِ ما قيلَ في معمرٍ، واقتصرتُ على إيرادِ ما يفيدُ بحثي، واللهُ الموفّقُ.
الثاني: قتادةُ بنُ دعامةَ السّدوسِي.
أخرَجَهُ مُسلمُ (2/2215 - متابعة)، وابنُ ماجةَ (ح/3952)، والجَهضميّ في أحاديثِ أيوبَ (ح/22)، والحربيّ في غريبِ الحديثِ (3/958)، [وابن أبي عاصم: ح/458]، والرّويانيّ في المسندِ (ح/611)، وابنُ حبانَ (ح/6714)، والطّبرانيّ في المُعجمِ الأوسَطِ (ح/8397)، (ح/2690)، وابنُ مندةَ في التّوحيدِ (ح/438)، والبيهقيُّ في السننِ الكبرى (ح/18617)، والأصبهانيّ في الحجّةِ في بيانِ المحجّةِ (ح/423)، وفي دلائلِ النّبوةِ (ص/205)، وابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشق (1/268)، وابنُ الأثيرِ في أسدِ الغابةِ (1/158)، والجورقانيّ في الأباطيلِ والمناكيرِ (ح/112)،وشهدة في العمدة من الفوائدِ والآثارِ الصّحاح (ح/52)، من طريقَينِ، عنْ قتادةَ، عنْ أبي قِلابةَ، عنْ أبي أسماءَ، عنْ ثوبان، عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوهِ.
قلتُ: قتادةَ: ابنُ دعامةَ السّدوسيّ، مدلِّسٌ، - انظرْ بحثي في قتادةَ المتقدّمَ في الصّفحةِ - وقد عنعن عندَ الكلِّ، منْ طريقِ هشامٍ الدّستوائيّ، عنهُ، خالفَ هشاماً، سعيدُ بنُ بشيرٍ الأزديُّ، فرواهُ عنْ قتادةَ بصيغةِ التّحديثِ عندَ ابنِ ماجةَ مرةً، ومرةً بصيغةِ العَنْعَنةِ غيرَ مصرحٍ بسماعهِ منهُ، كما هو عندَ الطّبراني في المعجمِ الأوسَطِ، وقد مرّ تخريجُهما، وسعيدُ بنُ بشيرٍ ضَعيفٌ، ضَعّفَهُ جمعٌ كثيرٌ منَ الأئمةِ، قالَ ابنُ حبانَ: كانَ ردئَ الحفظِ فاحشَ الخطأ يروي عنْ قتادةُ ما لا يُتابعُ عليهِ. [تهذيب التهذيب].
قلتُ: ويؤيدُ الذي قلناهُ في قتادةَ، ما قالهُ ابنُ أبي عاصمٍ بعدَ الحديثِ: وقتادةُ لم يسمعهُ منْ أبي قُلابةِ. [الآحاد والمثاني: ح/458].
الثالث: يحيى بنُ أبي كثيرٍ
أخرجَهُ الحاكِمُ في المستدركِ (ح/8390)، عنْ إسحاقِ بنُ إدريس، عنْ أبان بن يزيد ثنا يحيى بن أبي كثير ثنا أبو قلابةَ عبدُ اللهِ بن زيدٍ الجَرميّ حدّثني أبو أسماءَ الرّحبيّ أنّ ثَوبانَ حدّثَهُ، أنّهُ سَمِعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ، فذكرَ الحديثَ بِنحوِهِ.
يحيى بنُ أبي كثيرٍ: الطّائيُّ أبو نصرٍ اليَماميّ، ثقةٌ ثبتٌ.
أبانُ بنُ يزيد: العطّار، أبو يزيدَ البَصريّ،قالَ ابنُ أبي حاتم: سُئِلَ أبي عن همامٍ وأبانَ العطّار من تُقدّمُ مِنهُما قالَ همّامٌ أحبُّ إِليَّ ما حدَّثَ مِنْ كِتابهِ وإذا حدّثَ منْ حفظهِ فهُما مُتقاربانِ في الحفظِ والغَلطِ. [الجرح والتعديل: 6/285 - ت/457].
جعله الله في ميزان حسناتك
أنار الله بصيرتك وبصرك بـ نور الإيمان
جعله الله شاهداً لك يوم العرض والميزان
وثبتك على السنه والقرآن وأنار دربك وبارك فيك
تحياتي وعطر وردي