الكثير من العلماء والفقهاء عرفوا الدعاء بأنّه عبادة يتوجّه بها العبد إلى الله سبحانه لطلب العناية منه واستمداد المعونة، وللدعاء فضائل كثيرة، ومن بينها ما ورد في السنة النبوية الشريفة في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ما على الأرض مسلمٌ يدعو اللهَ تعالى بدعوةٍ إلا آتاه اللهُ إياها أو صَرَف عنه من السوءِ مثلَها ما لم يدعُ بإثم أو قطيعةِ رَحِمٍ، فقال رجلٌ من القوم إذا نُكثِرُ قال اللهُ أكثرُ".]
ولاهمية الدعاء فقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ " ثُمَّ قَرَأَ : " وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ " [سنن الترمذى] ، فسوّى بين الدعاء وبين العبادة.
اسرار الدعاء .. تعرف عليها وقد روي العديد من الصحابة والتابعين وجمهور الفقهاء بأن "الدعاء مخ العبادة" أي أعلى ما فيه ؛ لأن فيه اعتراف من الإنسان بعبوديته لله سبحانه وتعالى .
إذن الدعاء أمرٌ مهم، لكن رأينا كثيرًا من الناس كأنه لم يعلم أنه العبادة أو مخ العبادة؛ فترك كثيرًا من الدعاء، الدعاء في ذاته عبادة استجاب الله أو لم يستجب.
ومن الثابت ان للدعاء أسرارا عديدة بحسب منشور للدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في مقدمتها الوضوء . فالوضوء أمر يعرفه المسلمون ولا يفعله أحدٌ غيرهم إطلاقا ، المسلمون هم الوحيدون الذين يتوضئون على وجه الأرض ، كل الناس تعلم أن المسلمين يتوضئون لكنهم لا يربطون هذا بالدعاء ،لا تستقلوا بهذه المعلومة لأنها معلومة مهمة للغاية
أما السر الثاني للدعاء فهو الصلاة . لأن إذا قدمت عملا صالحا قبل الدعاء يكون أقرب للإستجابة ، ولذلك هناك في السنة ما يسمى بصلاة الحاجة ، عملٌ صالح تقدمه بين يدي نجواك ، والصدقة عمل صالح ، فالدعاء عمل صالح لأنه هو العبادة فقدم قبله بشئ فيه عبادة .
ثالث اسرار الدعاء بحسب منشور الدكتور علي جمعة علي فيس بوك فيتمثل في : البدء بذكر الله والثناء عليه. فليس كل أحد جاهز في كل حال أن يتوضأ وأن يصلي ؛ولذلك نصح العلماء بأن يكون من آداب وأسرار الدعاء البدء بذكر الله والثناء عليه ، فتقول : "الحمد لله رب العالمين ،لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ،إنا لله وإنا إليه راجعون ، أنت حسبنا ونعم الوكيل ، يا ربنا يا قوي يا عزيز يا ملك يا قدوس " ثم تدعو .
الاكثار من الصلاة علي النبي من أسرار الدعاء السر الرابع للدعاء يشترط الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هى امتثال للأمر الإلهي: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فإذا بدأت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهى مقبولة لتعلقها بالجناب الأجل صلى الله عليه وسلم وأنهيت الدعاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قبل الله البداية وقبل الله النهاية ،والله تعالى من أكرم أن يقبل البداية والنهاية ولا يقبل ما بينهما .
وبحسب النشور فإن الله تعالى يستجيب الدعاء بين عملين مقبولين ، ولذلك يستجيب الله سبحانه وتعالى الدعاء عند الآذان ؛لأن ترداد الآذان عمل صالح ولأن بعد ذلك ستكون هناك صلاة وبداية الصلاة الإقامة ؛بين العملين الصالحين سيتقبل الله إذا كان تقبل ذكرك الذي أجبت به الآذان وتقبل منك الصلاة أو الإقامة بأنه يتقبل ما بينهما .
السر الخامس كي يكون الدعاء مستجابا يتمثل في استقبال القبلة . وهل يعرف أحدٌ غير المسلمين هذه القبلة وأنها محل نظر الله سبحانه وتعالى ، وأنه "يا عمر ها هنا تسكب العبارات" ، هل يعلم غير المسلمين أن باب الكعبة سمى بالملتزم لأنه يلتزم فيه استجابة الدعاء .
ولا يختلف الأمر فيما يتعلق بالسر السادس من آداب وأسرار الدعاء حيث ينص علي ضرورة لبس البياض . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب لبس البياض ، ولبس البياض هذا ما علاقته باستجابة الدعاء ؟ هل هو يؤثر في النفس البشرية بالصفاء ؟ جائز . هل هو يجعل القلب أكثر استحضارا ،واستحضار القلب هو نوع من أنواع الضراعة ؟ جائز .
الذي رأيناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب البياض ، وكان يحب البياض وهو في حالة روحية عالية وشفافية تامة؛ ولذلك إذا ما قلدناه في هذا الأمر وجدنا أنفسنا في راحة، ومن هنا تجد كثيرا جدا من الحجاج بل أغلب الحجاج يلبسون الإزار ويلبسون الرداء بيضاء ،
أسرار قبول الدعاء في حين أن الفقه يقول يجوز أي لون ، ولكن المسألة هنا ليست الجواز إنما هى الأفضل ، يجوز أن أدعو وأنا لست متوضأ ،يجوز أن ادعو ابتداء من غير صلاة ، يجوز أن أدعو من غير ذكر ومن غير صلاة على النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ، الجواز شئ وأسرار الاستجابة شئ أخر ، فإذا أراد الإنسان أن يتم صنعته وأن يكون مطلعا على سر صنعته ؛فهذا هو سر الصنعة .
طهارة الفم تبدو حاضرة وبقوة ضمن اسرار الدعاء وهي طاعة ارشدنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسواك لإزالة الرائحة الكريهة ،فهذا فمٌ يطيب من أجل أن يخاطب مولاه .
طهارة الفم تعد نتيجة لأكل الحلال الذي يعد من أسرار قبول الدعاء حيث قال سيدنا صلى الله عليه وسلم :«رُبّ أشعث أغبر يمُد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، وملبسه حرام ، ومشربه حرام، وغُذّي بالحرام أنى يستجاب لذلك»، وقال: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء» طيب المطعم في أمرين : الأمر الأول : الابتعاد عن الحرام . فلا نأكل الميته ولا نأكل الخنزير ، ولا نشرب الخمر.