قصة العاص بن وائل السهمي مع الرسول صلى الله عليه وسلم
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)»، وهي آيات فضليات أنزلها الله عز وجل على قلب نبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، ليجبر بخاطره، بعد أن تطاول في حقه أحد أكبر جهلاء التاريخ وهو العاص بن وائل السهمي الذي كان يقول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (دعوه إنه أبتر لا عقب له فإذا هلك انقطع ذكره) ، فأنزل الله تعالى هذه السورة ليطيب خاطر حبيبه صلى الله عليه وسلم، إذ أن رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم توفي له ثلاثة من الأبناء (عبدالله.. والقاسم.. وإبراهيم)، فلما عايره الجاهل بذلك أنزل الله عز وجل هذه السورة ليطيب خاطره.
أصل القصة
يروى أنه في أحد الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم يسير في مكة، و إذا بأحد كفار قلريش يقول له (يا أبتر يا أبتر!)، يعيّر النبي عليه الصلاة والسلام، بـ يا أبتر، أي (يا مقطوع النسل) ! بمجرد موتك ستُنسى مع الزمن لأنه ليس لك أحد يحمل إسمك من بعدك.. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع هذا الكلام ويحزن حزنًا شديدًا، إلى أن قال له عز و جل في سورة الكوثر: «إنا أعطيناك الكوثر»، يعني يا محمد أنا سأعطيك نهر في الجنة لك وحدك إسمه الكوثر..و لن يشرب منه أحد غيرك فقط لا تحزن.. «فصل لربك و انحر»، يعني قم صلي واستهدى بالله وانحر (اذبح الذبائح) ووزعها على الفقراء.. «إن شانئك» يعني هذا الرجل الذي تطاول عليك «هو الأبتر»، أي سيأتي يوم القيامة أبتر مقطوع النسل ليس له ابن يسأل عنه ولا عائلة تقف بجانبه، كلهم سيتبرأون منه ويتركونه.. ففرح النبي صلى الله عليه وسلم، واستبشر بالسورة لأن الله سبحانه وتعالى حرمه من الأولاد لكن عوضه بنهر في الجنة وفي الدنيا يُذكر للأبد ويصلي عليه أكثر من مليار بني آدم يوميًا.
نهر الكوثر
أما نهر الكوثر، فهو أعظم أنهار الجنة، ولا يشرب منه سوى أعظم الناس وإمامهم صلى الله عليه وسلم، فعن سليمان بن بلال ، عن شريك بن أبي نمر ، قال : سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، يحدثنا ، قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ، مضى به جبريل في السماء الدنيا ، فإذا هو بنهر ، عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد ، فذهب يشم ترابه ، فإذا هو مسك ، فقال : « يا جبريل ما هذا النهر ؟ » قال : هو الكوثر الذي خبأ لك ربك، وفي رواية عن قتادة ، «عن أنس قال : لما عرج بنبي الله صلى الله عليه وسلم في الجنة ، أو كما قال ، عرض له نهر حافتاه الياقوت المجوف ، أو قال : المجوب ، فضرب الملك الذي معه بيده فيه ، فاستخرج مسكا ، فقال محمد للملك الذي معه : " ما هذا ؟ " قال : هذا الكوثر الذي أعطاك الله ; قال : ورفعت له سدرة المنتهى ، فأبصر عندها أثرا عظيما».