1- قال ابن عباس : مامن مؤمن له أبوان فيصبح ويمسي وهو محسن إليهما إلا فتح الله له بابين من الجنة. وقال أبوالليث السمرقندي: لولم يذكر الله تعالى في كتابة حرمة عقوق الوالدين , ولم يوص بهما , لكان يُعرف بالعقل أن خدمتهما واجبة. وقال هشام بن عروة مكتوب في الحكمة: ملعون من لعن أباه , ملعون من لعن أمه.( ومعناها: أي يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه , فيصبح كأنه هو الذي لعنهما).
2- قال بعض الصحابة: ترك الدعاء للوالدين يضيق العيش على الولد. وقال كعب: إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه ليعجل له العذاب , وإن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً ليزيد براً وخيراً. وقال أبوبكر بن أبي مريم قرأت في التوراة: من يضرب أباه يقتل. وكان محمد بن المنكدر يضع خده على الأرض , ثم يقول لأمه: ضعي قدمك على خدي.
3- كان محمد بن سيرين إذا اشترى لوالدته ثوباً اشترى ألين مايجد , فإذا كان عيد صبغ لها ثياباً , وما رفع صوته عليها, كان يكلمها كالمصغي إليها , ومن رآه عند أمه لايعرفه ظن أن به مرضاً من خفض كلامة عندها. وقال سعيد بن عامر: بات أخي عمر يصلي , وبت أغمز قدم أمي , وما أحب أن ليلتي بليلته. وكانت أم منصور بن المعتمر فظةً غليظةً عليه وكانت تقول: يامنصور يريدك ابن هبيرة على القضاء فتأبى , وهو واضع لحيته على صدره , مايرفع طرفه إليها.
4- أراد كهمس العابد: قتل عقرب , فدخلت جحر فأدخل أصابعه خلفها فلدغته , فقيل له بذلك: قال: خفت أن تخرج , فتجيء إلى أمي تلدغها. وعن عبدالله بن عون: أن أمه نادته فأجابها فعلا صوته صوتها فأعتق رقبتين. وقيل أن بندار جمع حديث البصرة , ولم يرحل براً بأمه , ثم رحل بعدها.
5- قيل أراد أحمد الأبار الرحلة إلى قتيبة , فلم تأذن له أمه , ثم ماتت فخرج , فلما وصل إلى بلخ مات قتيبه , فكانوا يعزونه على هذا ,فقال: هذا ثمرة العلم , إني أخترت رضى الوالده. وقال الفضيل بن عياض تمام المروءة: من بر والديه , ووصل رحمه , وأكرم إخوانه. وقال علي رضي الله عنه: بر الوالدين من كرم الطبائع.
6- قال عبدالله بن عباس: كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل للسيد الفظ الغليظ. وقال وهب بن منبه: بلغنا أن الله تعالى قال لعُزير عليه السلام: بر والديك , فإن من بر والديه رضيت , وإذا رضيت باركت , وإذا باركت بلغت الرابع من النسل. وسئل الحسن عن الوالد والوالده فقال: حق الوالد أعظم , وبر الوالدة ألزم.
7- كان الربيع بن خثيم: يميط الأذى عن الطريق ويقول هذا لأمي , وهذا لأبي. وكان علي بن الحسن: لايأكل مع والديه فقيل له في ذلك فقال: لأنه ربما يكون بين يدي لقمة أطيب مما يكون بين أيديهما وهما يتمنيان ذلك , فإذا أكلت بخست بحقهما. وقال سفيان بن عيينه في قوله عزوجل
( أن اشكر لي ولوالديك )) من صلى الخمس فقد شكر الله ومن دعا لوالديه عقبهما فقد شكرهما.
8- عن أبي حازم: أن أباهريرة لم يحج حتى ماتت أمه. وسئل الحسن عن بر الوالدين؟ فقال: أن تبذل لهما ماملكت , وتطيعهما مالم تكن معصية. وسئل عطاء أن رجلاً أقسمت عليه أمه أن لايصلي إلا الفريضة ولايصوم إلا شهر رمضان؟ قال: يطيعها.
9- قال حميد: لما ماتت أم أياس بن معاوية: بكى , فقيل له: مايبكيك؟ قال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة , وأُغلق أحدهما. قال عمر بن عبدالعزيز: لأبن مهران , لاتصاحب عاقاً، فإنه لن يقبلك وقد عق والديه. ( لأن حقهما أوجب حقاً منه عليه ). وقال علي رضي الله عنه: لوعلم الله شيئاً في العقوق أدنى من [ أف ] لحرمه. وقال أحد السلف: من عق والديه عقه ولده.
10- عن عون بن عبدالله قال: قال عبدالله: صل من كان أبوك يصله , فإن صلة الميت في قبره أن تصل من كان أبوك يصله بالدنيا. وعن الأشجعي أنه قال: كنا عند سفيان الثوري , فأقبل ابنه سعيد فقال: ترون هذا؟ ماجفوته قط , وإنه ليدعُوني في الصلاة غير المكتوبة فأقطعها له. وكان حجر بن عدي: يلمس فراش أمه بيده , فيتهم غلظ يده , فيتقلب عليه على ظهره فإذا أمن يكون عليه شيء اضجعها.
11- عن الحسن البصري: أن رجلا قال له: إني قد حججت وقد أذنت لي والدتي في الحج.. فقال الحسن: لقعدة تقعدها معها على مائدتها أحب إلي من حجك. وعن منصور بن المعتمر كان يقال: للأم ثلاثة أرباع البر. وقال عروة بن الزبير: مابر والديه من أَحَدَّ النظر إليهما. وكان مورق العجلي: يفلي رأس أمه.
12- كان كهمس : يعمل في الجص كل يوم بدانقين فإذا أمسى أشترى به فاكهة فأتى بها إلى أمه. وقيل لعمر بن ذر لما مات ابنه: كيف بره بك؟ قال: ما ماشيته قط بالنهار إلا مشى خلفي , ولا بالليل إلا مشى أمامي , ولا رقى سطحا أنا تحته. وقال بعض العلماء: رب ابناً بعيد لايفقد خيره, ورب ابناً قريب لايرجى خيره. وقال ابن عباس: إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله عزوجل من بر الوالدة.
13- قيل لأعرابي: ماتقول في ابنك , وكان عاقا ! فقال: بلاء لايقاومه الصبر , وفائدة لايجب عليها الشكر. وقال ابن عباس في قوله جل وعلا
( أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير )) قال: فمن شكر الله ولم يشكر والديه لم يقبل منه. وقال علي رضي الله عنه: من أحزن والديه فقد عقهما. وقال وهب بن منبه: في التوراة: على من صك والديه الرجم.
14- كان أبوحنيفة يُضرب كل يوم ليدخل في القضاء , فأبى ولقد بكى في بعض الأيام , فلما أطلق قال: كان غم والدتي أشد علي من الضرب. و رأى ابن عمر رجلاً يطوف بالكعبة حاملا أمه على رقبته , فقال: يا ابن عمر أترى أني جزيتها؟ قال: لا , ولا بطلقة واحدة , ولكنك أحسنت والله يثيبك على القليل الكثير. وقال بعض الحكماء: من عصا والديه لم يرا السرور من ولده.
15- قال وهب بن منبه: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: ياموسى وقر والديك , فإن من وقر والديه مددت له في عمره , ووهبت له ولداً يبره , ومن عق والديه قصرت عمره , ووهبت له ولداً يعقه. وقال ثابت البناني: أن رجلاً كان يضرب أباه في موضع , فقيل له: ماهذا؟ فقال الأب أتركوه , فإني كنت أضرب أبي في هذا الموضع فابتليت بابني يضربني في نفس هذا الموضع. وعن اضبغ بن زيد قال: إنما منع أويسا القرني أن يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بره بأمه.
16- قال ابن محيريز: من دعا أباه باسمه أو كنيته فقد عقه , إلا أن يقول: يا أبتِ. وقال سعيد بن جبير: لدغت فأمرتني أمي أن أناول الراقي يدي , فناولت الراقي اليد التي لم تلدغ. وقال مجاهد: لايدفع الولد يد والده عنه , بل يدعه يضع به ما يشاء. وقال الحسن: لا يعدل بر الوالدين لا حج ولا جهاد , ولا صدقة.
17- قال عثمان رضي الله عنه: ماقدرت أن أتأمل أمي منذُ أسلمت. وكان حارثة بن النعمان: يطعم أمه بيده , ولم يستفهمها كلاماً قط تأمر به حتى يسأل من عنده بعد أن تخرج: ماذا قالت أمي؟. وكان أبوهريرة إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته , فتقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته , فيقول: رحمك الله كما ربيتيني صغيراً , فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيراً , وإذا أراد أن يدخل صنع مثله.
18- قال سفيان بن عيينه: قدم رجل من سفر فصادف أمه قائمة تصلي , فكره أن يقعد وهي قائمة , فعلمت ما أراد فطولت ليؤجر. وقال بشر الحافي: الولد بقرب أمه بحيث تسمع نفسه , أفضل من الذي يضرب بسيفه في سبيل الله عز وجل , والنظر إليها أفضل من كل شيء. وقال ابن عمر: بكاء الوالدين من العقوق. وقال الحسن: دعاء الوالدين للولد نجاة، ودعاؤهما عليه أستئصال وبوار.
19- رأى موسى عليه السلام رجلاً عند العرش فغبطه بمكانه فسأل عنه , فقالوا: نخبرك بعمله , لايحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله , ولايمشي بالنميمة , ولايعق والديه , قال أي رب ومن يعق والديه؟ قال: يستسب لهما حتى يسبان. وقال الحسن البصري: من عقل الرجل أن لا يتزوج وأبواه في الحياة. وقال رجل لعبيد بن عمير: حملت أمي على رقبتي من خرسان حتى قضيت بها المناسك , أتراني جزيتها؟ قال: لا , ولاطلقة واحدة.
20- قال ابن عباس في قوله تعالى
( وبالوالدين إحسانا )) قال: لاتنفض ثوبك فيصيبها الغبار. وقال عطاء بن أبي رباح في قول الله تعالى
( ولا تنهرهما )) قال: لا تنفض يدك عليهما وقل لهما قولاً كريماً. وقال عون بن عبدالله: النظر إلى الوالدين عبادة [ قلت: فكيف البُر بهما].
21- قال عمر رضي الله عنه لرجل قتل نفساً: والذي نفس عمر بيده لو كانت أمه حية فبرها وأحسن إليها , رجوت أن لا تطعمه النار. وقال رفاعة بن إياس: رأيت الحارث العكلي في جنازة أمه يبكي , فقيل له تبكي؟ قال: ولِمَ لا أبكي وقد أُغلق عني باب من أبواب الجنة. وكان ابن الحنيفية يغسل رأس أمه بالخطمي ويمشطها ويقبلها ويخضبها.
22- قال لقمان لأبنه: يابني إن الوالدين باب من أبواب الجنة , إن رضياعنك مضيت إلى الجنة , وإن سخطا حجبت. وسئل كعب عن العقوق؟ فقال: إذا أقسم عليه فلم يفعل , وسأله فلم يعطه.( للأسف بعض الناس عند أبويه كأنه هو المنعم المتفضل). وقال بشر: أرى للأب والأم أن يأخذا من مال أبنهم مايكفيهم , إذا كانا محتاجين.
23- قال جعفر سمعت عروة بن الزبير يقول في سجوده:اللهم أغفر للزبير بن العوام ولأسماء بنت أبي بكر. وقال ابن عباس: ليس شي أحط للذنوب من بر الوالدين. وقال يونس بن عبيد: يرجى للذي به رهق إذا كان باراً , وكان يتخوفون على أعماله إذا كان عاقاً. وقال بعض السلف: أفضل النفقة نفقة الرجل على والدية.
24- قال عطاء: لا يؤم الرجل أباه وإن كان افقه منه. وقال القيسي: قلت يا أباهريرة , إن الجهاد قد فضله الله وإني كلما رحلت راحلتي جاء والداي فحطا رحلي قال: هما جنتك فأصلح إليهما ثلاثا. وقال مجاهد: دعوة الوالد لاتحجب دون الله تعالى.
25- سئل رجل ابن عباس فقال: أني نذرت أن أغزوا الروم وإن أبواي يمنعاني؟ قال: أطع أبويك , فإن الروم ستجد من يغزوها عنك. وقال الحسن: لاتقطع من كان أباك يصله فيطفأ بذلك نورك. وقال سعيد بن المسيب: إن الرجل ليُرفع بدعاء ولده بعده , ثم قال بيده هكذا فرفعها.
26- قال رجل لكعب: أحتسب عند الله ما فاتني من بر الوالدين , قال لم يفتك برهما , أستغفر لهما , وأجعل لهما حظا من طاعاتك , تكن من الابرار إن شاء الله. وعن الحسن أن رجلاً سأله: آمر والداي وأنهاهما؟ قال: إن كرها ذلك فلا. وقال رجل لمعاذ بن جبل: ماحق الوالدين على الولد؟ قال: لو خرجت من اهلك ومالك ما أديت حقهما.
27- كان حيوة بن شريح: يقعد في حلقته يعلم الناس , فتطل له أمه , وتقول له: قم ياحيوة فالق الشعير للدجاج , فيقوم ويترك التعليم. وقيل: من لم يبر أبويه في حياته , لم تبك عيناك على وفاته. وقيل لمعاوية بن قرة: كيف أبنك معك؟ قال: نعم الأبن كفاني أمر دنياي , وفرغني لآخرتي. وكان أبوهريرة يحمل أمه معه إلى المرافق وينزلها عنه , وكانت مكفوفة كبيرة.
28- كان الزبير بن هشام باراً بابيه , إن كان ليرقى إلى السطح في الحر فيؤتى بالماء البارد فإذا ذاقه فوجد برده لم يشربه وأرسله إلى أبيه. وقال الامام أحمد: بر الوالدين كفارة الكبائر. وعن عروة في قوله تعالى
( وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة )) قال: لاتمتنع من شيء أحباه. وقال أبوهريرة: ترفع للميت بعد موته درجته , فيقول: أي رب أي شيء هذه؟ فيقال: ولدك أستغفر لك.
29- قال الحسن البصري: دعاء الوالدين ينبت المال والولد. وقال يزيد بن أبي حبيب: إيجاب الحجة على الوالدين عقوق [ أي الانتصار عليهما بالكلام ]. وقال الحسن: للوالدة الثلثان من البر , وللوالد الثلث. وقال علي بن أبي طالب: العجب كل العجب , من عاقل يعق والديه بعد قراءته سورة لقمان , وقد قرنهما الله تعالى بنفسه.
30- قال كعب: من البر أن تبر من كان أبواك يبرانه. وسئل الحسن في الرجل تقول له أمه أفطر؟ قال: ليفطر وليس عليه قضاء , وله أجر الصوم والبر. [ المقصود به صوم التطوع ]. وقال محمد بن سيرين: كنا عند أبي هريرة ليلة , فقال: اللهم أغفر لأبي هريرة ولأمي ولمن أستغفر لهما , قال محمد: فنحن نستغفر لهما حتى ندخل في دعوة أبي هريرة.
31- قال الشافعي: لو كنت مغتاباً أحد لأغتبت أمي فإنها أحق الناس بحسناتي. وقال عامر بن عبدالله بن الزبير: مات أبي، فما سألت الله - حولاً - إلا العفو عنه. وقال ابن عباس: من نظر إلى أباه شزرا فقد عقه.